بسم الله الرَّحمن الرَّحيم




والصَّلاة والسَّلام على صاحب الخلق العظيم مُعلِّم البشريَّة مُحمَّد عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه أفضل الصَّلاة وأتمُّ التَّسليم أمَّا بعد ..
قال تعالى في مُحكم التَّنزيل:
﴿يا أيُّها الَّذينَ آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظَّنِّ إنَّ بعضَ الظَّنِّ إثم﴾




فهذه تذكرةٌ من إخوةٍ لكُم يحبُّونكُم في الله ويرجون من الله لكم كُلَّ خيرٍ؛ عسى أن تُلامس قلوبكم..
فإنَّ ممَّا لا يخفى عليكم بأنَّ سوءَ الظَّنِّ داءٌ قد استشرى بين بعض الأعضاء أحياناً, لا سيما إن كان هُناك خلافٌ في رأيٍ أو في مسألة اجتهادية..
فترى الأخ يسارع في الحكم على ما يقولُه أخاه ويسبق في التَّعامل معه بسوء الظَّنِّ جاعلاً من أخيه خصماً مبيناً وعدواً لذوذاً..
وإن تفكَّرنا في هذه المسألة بتروٍّ وحِكمة لرأينا أنَّ الخِلاف الحاصل في جُلِّ المسائل والمواضيع اختلافٌ محمود ومقبول ما دام لا يخدشُ في عقيدةٍ أو توحيد .
فما العيبُ أن نختلفَ في مسألة ومقصدنا جميعاً رضا الله عز وجل ؟!
وما العيب أن نجتهد ولكلٍّ منَّا نصيبٌ في الأجر ؟!




العيب كُلُّ العيب أن نجعلَ من بعضنا أعداءاً وخصوماً ونزرع بيننا الشحناء والبغضاء والسبب سوءُ الظَّنِّ والفهم !
فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَن رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ. وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَبَاغُضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا. وَكُونوا عِبَادَ الله إِخْوَانًا»...
فيا إخواننا وأحبابنا في شبكة شموخ الإسلام...
يا من منَّ الله عليكُم بالمُرابطة على هذا الثَّغر المُبارك نُصرةً لدينكُم وذبَّاً عن أعراض إخوانكُم المُجاهدين..
أحسنوا الظَّنَّ بإخوانكُم والتمسوا لهم الأعذار ولتتسع صدوركُم لآرائِهم وأقوالهِم ما لم تُخالف شرعَ ربِّنا _سبحانه وتعالى_, وإن نصحتُم فانصحوا بالحكمة والموعظة الحسنة وليكُن الجِدال بالتي هي أحسن ولا يغضبنَّ أحدكُم لنفسه, ولا يتعصبنَّ لرأيه وليجعل شرعَ الله دوماً هو الحكم..
وهذه كلماتٌ من ذهب لشيخكم أبي عُمرٍ البغدادي _تقبله الله في الشهداء_ يوصي بها جنود دولة الإسلام..
"إلي أبنائي من جنود الدولة الإسلاميَّة : أيُّها المُجاهدون إيَّاكُم أن توقفوا نهراً أجريتمُوه بدمائكُم، أو تهدموا صرحاً رفعتموهُ بشهاداتكُم، إيَّاكُم أن تعدُّوا كلَّ من خالفكم الرأي خصما، ولا كلَّ من وافقكم خِلاًّ، فقد يكون المُخالف من أكثرهم لكم ودًّا، فكونوا كالبحر لا تُكدِّرُه الدِلاء، واعفوا تكرُّماً، فما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزًّا.."




ومِمَّا يُعينكَ أخي ويُعينُكِ أُخيَّتِي على حُسنِ الظَّنِّ :




1- إنزالُ النَّفسِ منزلة الغير:
فلو أنَّ كُلَّ واحد منَّا عند صدور فعل أو قولٍ من أخيه وضعَ نفسهُ مكانَهُ لحملهُ ذلك على إحسانِ الظَّنِّ بالآخرين.




2- حملُ الكلام على أحسنِ المحامل:
قال عمر بن الخطاب _رضي الله عنه_ : "لا تظنَّ بكلمةٍ خرجت من أخيك المؤمن شرًّا، وأنت تجد لها في الخير محملاً"




3- التماس الأعذار للآخرين:
قال ابن سيرين _رحمه الله_ : إذا بلغكَ عن أخيك شيءٌ فالتمس لهُ عُذرًا، فإنْ لم تجد فقُل: لعلَّ له عُذرًا لا أعرفه.




تأنَّ ولا تعجل بلومكَ صاحِبًا **** لعلَّ لهُ عُذرًا وأنت تلومُ




4- تجنَّب الحكمَ على النيَّات:
دع السرائر لربِّ الأرباب فلا يعرف ما في الصدور إلا الرَّحمن جلَّ وعلا..




أخي الحبيب وأُختي الكريمة هذا بعضُ ما يعين على تِلكَ المنقبة العظيمة إلى جانب الدُّعاء والتضرُّع لله بأن يجعلكُم ممَّن يُحسنونَ الظَّنَّ, ومِمَّن تتَّسعُ صدورهُم لإخوانهم, ومِمَّن لا تصدأُ قلوبهم بسوء الظَّنِّ وبـِرَانِ الحقد والحسد..
اللهمَّ ارزقنا حُسنَ الظَّنِّ وجنبنا سوءَه..
اللهمَّ ألِّف بين قلُوبنا ولا تعجل للشَّيطان عليها سبيلا..
اللهمَّ ارزقنا الإخلاص في الأقوال والأفعال..
وصلِّ اللهمَّ وبارك على محمَّد وآله وصحبه وسلم..


اللسان ليس عظاماً لكنه يكسر العـظام
تأن ولا تعجل بلومك صاحبًا 96062_10
الابتسامة كلمة طيبة بغير حروف